معتقل الشلال بالمسيلة ماي 1955م

- تعريف المعتقل:

لغة:

جاء في بعض قواميس اللغة العربية ومعاجمها التي ظهرت في القرن العشرين أن مفردة " معتقل" جاء من فعل اعتقل بتسكين العين وفتح ما بعدها، التي تعني ألقى القبض وحبس، والاعتقال وردت بمعنى قبض على شخص وسجنه، والمعتقل اسم مفعول وجمعه المعتقلون، هو المسجون أو المحجوز عليه، والمكان الذي يخصص لهم يسمى معسكر اعتقال يحتجز فيه أسرى الحرب المدنيون والموقوفون والمبعدون السياسيون والمنفيون والمشبوهون.

اصطلاحا:

هو الفرد الذي يعتقل وفق تدبير أمني يهدف إلى حرمانه من حريته، والعمل على تغيير سلوكه بأساليب مختلفة،والزج بهم في معسكر تقرره السلطة الادارية دونأي إدانة او تهمة سوى انه يمثل في نظر الادارة خطرا على الأمن والنظام العام، أما عن المعتقل كمكان " يطلق على كل مكان يجمع فيه الناس وتقيد فيه حريتهم ".

انشاء معتقل الشلال:

يقع حاليا ببلدية خطوطي سد الجير دائرة الشلال بولاية المسيلة، في المكان المسمى بالعجيلة قريبا من واد اللحم، اشتهر بمعتقل الشلال، ويبعد عن مدينة المسيلة بحوالي 40 كلم باتجاه الجنوب، يتكون من خيم للمعتقلين وبناءات خشبية للإدارة، أحيطت مساحة المعتقل بالأسلاك الشائكة، أقيم على أرض منبسطة ومكشوفة.

عانى المعتقلون البالغ عددهم 1000 معتقل الأمرين بسبب صعوبة المناخ الذي تميز بارتفاع درجة الحرارة وهبوب الرياح المصحوبة بالرمال، الزوابع الرملية، لسعات العقارب ولدغات الثعابين بالإضافة إلى المعاملة السيئة من طرف الحراس.

ولقد لقي فيه المعتقلون معاملة قاسية وغير انسانية من قبل المكلفين بالمعتقل، لا سيما فيما يتعلق بالحياة اليومية لهم، اكل غير صحي، مياه غير نظيفة المتروك عرضة للحرارة والزوابعسائر اليوم.

حياة المعتقلين بالشلال تميزت بالاستغلال الفاحش للنزلاء الذين وضعهم رئيس بلدية المسيلة المختلطة تحت تصرف المقاول قونزالس الذي كانت لديه ورشات لإنجاز سد الفلة على واد اللحم وذلك بالاتفاق المسبق بينه وبين والي عمالة قسنطينة، حيث يتكفل المقاول بضمان تموين المعتقلين بالمؤونة وما يحتاجونه مقابل العمل في ورشته.

والأفراد الذين سيقوا إليه لا يعرفون عن وضعيتهم القانونية شيئا، هل هم سجناء؟ أم أسرى حرب؟ أم مبعدون إداريا من مناطقهم، وحينما يتقدم بعض المعتقلين من ادارة المعتقل مستفسرين عن وضعيتهم فكانت تجيبهم بأنهم مسخرون طبقا لـأحكام المادة 14 من قانون 11جويلية 1938م المتضمن تنظيم الأمة زمن الحرب، وبلغت حالات الفوضى والاعتقال العشوائي حينما كان مدير المعتقل يستقبل الشاحنات المحملة بالوافدين الجدد الذين يستلمهم من افراد الدرك دون أن يقدموا له الوثائق والبيانات اللازمة، ولما يطالبهم بها يقولون أن لديهم أوامر بتسليمك.

هذا وإن دل إنما يدل على التعسف الذي تمارسه ادارة الاحتلال تجاه الجزائريين الذين كانت تعتقلهم بالشبهة والصدفة، وبين حالة الفوضى التي كانت تتخبط فيها الادارة الفرنسية، فلتبرير فتح المعتقلات اختارت من ترسانتها القانونية صيغة تناسب الوضع الجديد، فهؤلاء المعتقلون هم موضوعون تحت التصرف إلى غاية اشعار جديد، وهذا يعني التسخير ، ولقد وصف احد مفتشي الادارة  في التقرير الذي اعده حول المعتقلات في الجزائر بان معتقل الشلال يتميز بنظام قاس لا يوجد مثله في بقية المعتقلات وهو شبيه بالمعتقلات النازية.

ولم ينجهم من تلك المعتقل إلا تلك العاصفة الهوجاء  ليلة 04 أوت1955م التي حطمت المعتقل وفر بعض من فيه( العاصفة وقعت بتاريخ أفريل 1955 حسب السجل الذهبي للولاية)،ولقد وصف احد المعتقلين تلك العاصفة بما يلي:"وحلت ليلة الرابع من اوت 1955م، كانت عناصر الطبيعة عند موعدها، زوابع واعاصير وامطار، فبادر المحتجزون كالمعتاد لدعم الصواري معتقدين ان العاصفة لا تلبث ان تهدأ شأنها في الايام الخالية...، إذ في هذه الليلة كانت الزوابع أشد والأعاصير أحد، والعاصفة اهوج اقتلعت الخيام ، وأطاحت بالصواري وحطمت البناية الادارية ...".

لما هدأت العاصفة أدرك الجميع هول الكارثة، فالبيوت الخشبية محطمة، والخيام ممزقة وضاع بعضها ، واستغل العديد من المعتقلين العاصفة للفرار، والامتعة ضاعت والأغراض كذلك، وبعد تباحث المسؤولين الفرنسيين على مختلف المستويات ارتأوا إلى ضرورة تغيير مكان المعتقل، فوقع اختيارهم على قرية الجرف لتكون بديلا عن معتقل الشلال.

المراجع المعتمدة:

(1)-خميسي سعدي: معتقل الجرف بالمسيلة اثناء الثورة التحريرية 1954-1962م،ـ رسالة ماجستير في التاريخ المعاصر ( المقاومة والثورة )، قسم التاريخ، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر 02، 2010-2011م.

(2)- الأمانة الولائية لمنظمة المجاهدين بالمسيلة، مديرية المجاهدين لولاية المسيلة: السجل الذهبي لشهداء الثورة التحريرية الكبرى لولاية المسيلة 1954-1962، 2010م.

التعليقات ( 0 )

لا تعليق