
عملت سلطات الاحتلال خلال شهري أوت وسبتمبر على التحضير المادي والبشري لافتتاح معتقل الجرف الذي حدد له يوم 01 أكتوبر 1955م، ومن بين الاجراءات التي تم اتخاذها من اجل استغلال قرية الجرف كمعتقل الاتفاقية المبرمة بين بلدية المسيلة المختلطة ( ش ز ا/SAP ) المالكة للقرية تتضمن كراء 80 غرفة المكونة لقرية الجرف لبلدية المسيلة بـ 500 فرنك للغرفة الواحدة شهريا وتزويد المعتقل بالمياه ومحرك ضخ آلي، نقل بالشاحنات والجرارات لمختلف الوسائل والأغراض والعتاد بالاضافة إلى وضع خزانين للماء بسعتين مختلفتين واحد بسعة 6000 لتر والثاني بسعة 3000 لتر.
وصف المعتقل:
الجرف يتكون من 20 بناية كل واحدة منها تتكون من أربعة منازل، وكل منزل فيه أربعة غرف، في المجموع 80 غرفة مساحة كل واحدة منها 3م² ، السقف على شكل نصف دائرة، جدرانه بنيت بالطوب وجعلت عوارضه وسواريه من الاسمنت، وطليت الجدران الخارجية للمنازل بالاسمنت ثم بالشيد، وكل منزل له مدخل رئيسي يفضي مباشرة إلى حوش المنزل ومنه إلى الغرف ومدخل ثانوي خاص بغرفة الضيوف على جانب آخر من المنزل، وهو بشكل عام أقيم على طراز المنازل الريفية.
مرافق المعتقل:
يوجد بمعتقل الجرف عدة مرافق منها العيادة التي خصص لها جناح خاص داخل المعتقل يتكون من 26 غرفة مساحة الواحدة منها 3م² ،منها غرفة مخصصة لفحص المرضى وتقديم الاسعافات الأولية وغرفة أخرى خصصت للصيدلة، أما عن الوسائل الطبية المتوفرة فهي اقل من تلك التي يجب ان تتوفر في قاعة المساعدة الطبية المجانية ( AMG)، كما أن الأدوية المتوفرة لا تناسب حالات المرضى الموجودين بالمعتقل.
المعتقل لا يتوفر على طبيب ولتغطية هذا النقص لجأت ادارة المعتقل إلى التعاقد مع طبيب خاص مقيم بمدينة المسيلة .
أما عن طبيب الاسنان فقد تم التعاقد في البداية مع طبيب مقيم بمدينة بوسعادة، لكنه لم يلبث أن قام بتوقيف عمله في معتقل الجرف.
أما المطبخ فقد كان في بناية مستقلة بنيت حديثا في الجهة الجنوبية من المعتقل، والمعتقلون هم من يقومون بأمر الطبخ والتوزيع.
كما انه لم تكن هناك مراحيض، فقد اجبر المعتقلون على حفر حفر لقضاء الحاجات الطبيعية، وبعد طول أمد وتسويف شرعت الادارة في شهر جويلية 1956م في انجاز المراحيض الخاصة بالمعتقلين في ثلاث جهات من المعتقل.
سياج المعتقل:
أحيط المعتقل بسياجين من الأسلاك المعدنية، السياج الداخلي الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من مترين، مزود بأوتاد حديدية كل مترين ونصف، تعلوه عدة خطوط من الأسلاك الشائكة تنحني في اتجاه نحو الخارج لتصعب من مهمة القفز عليه، معزز بإنارة خارجية كل 10 أمتار، الخط الأول مدعم ببرج حراسة وثمانية نقاط اخرى، أما السياج الثاني فيبعد عن الاول بـ 03 متر وهو عبارة عن خطين من الاوتاد الحديدية موصولة بأسلاك معدنية بشكل متعاكس، وهذين الخطين دعما بأسلاك شائكة كثيفة لولبية ومتقاطعة وعلوه لا يزيد عن 01 متر،ـ يمتد على مساحة 832م، اما عن أبراج الحراسة فعددها ثمانية منها اثنتان مزودة بأسلحة آلية.
الجانب الإداري والأمني:
مركز الشرطة: عند مدخل المعتقل يوجد مركز مخصص للأمن المكلف بمراقبة الداخلين والخارجين والإشراف على ضبط الأمور الأمنية، بالاضافة إلى القوات المكلفة بالحراسة وحماية المعتقل.
مصلحة الادارة:
تتكون من عدد من الموظفين من بينهم، سكريتير، راقن، سائق، موزع للبريد، محاسب مترجم، طبيب، ممرض، ضابط شرطة ، كل هؤلاء يرأسهم مدير، وتتمثل مهمتهم في الاشراف على تسيير الشؤون الادارية للمعتقل وضمان توفير الحاجيات الاساسية وتسديد الفواتير المختلفة.
مصلحة العمل النفسي: تقوم بمراقبة المعتقلين واكتشاف السلبيين تجاه القضية الوطنية ومعرفتهم من اجل استعمالهم واستغلالهم لصالح فرنسا والعمل بهم كوشاة مندسين وسط المعتقلين.
يشرف على هذه المصلحة ضباط مختصون في العمل البسيكولوجي المتخرجين من مدارس عسكرية مختصة في التكوين النفسي والعمل الدعائي.
إن معتقل الجرف لم يكن موقعه اعتباطيا بل روعي في ذلك الشروط المناخية حتى تكون أحد وسائل التعذيب النفسي، فالكثير من الناس خاصة كبار السن لم يتحملوا حرارة الصيف المرتفعة ولم يسلموا من زحف العقارب والثعابين، وفي فصل الشتاء برد قارص وجليد أثرا على صحة الأفراد المصابين بمرض السل.
الموقع على الخريطة
المرجع المعتمد:
(1)- خميسي سعدي:معتقلالجرفب المسيلة خلال ثورة التحرير الوطني 1954-1962، قراءة في شهادات المعتقلين والوثائق الأرشيفية، مجلة الحكمة للدراسات التاريخية ، العدد1، جانفي 2013.
(2)- الأمانة الولائية لمنظمة المجاهدين بالمسيلة، مديرية المجاهدين لولاية المسيلة: السجل الذهبي لشهداء الثورة التحريرية الكبرى لولاية المسيلة 1954-1962م.