مبايعة الأمير عبد القادر قائدا للمقاومة بمعسكر

الظروف المحيطة بالبيعة:

نظرا للظروف الصعبة التي كان يعاني منها الشعب الجزائري، وأمام هول وجرائم الاستعمار الفرنسي الصليبي في أرض الاسلام والمسلمين اتجهت الأنظار إلى محي الدين والد الأمير عبد القادر، فاختاره  العلماء والأعيان لتحمل مسؤولية الجهاد لإنقاذ البلاد التي احتلها الاستعمار الفرنسي الغادر، الذي قتل أحرار هذه الأرض الطاهرة والذين عارضوا احتلاله لها.

وبعد أن بدأت أطماع الاستعمار الفرنسي في التوسع والاستيطان تظهر في الميدان، بدأت الرغبة في الجهاد بين الجزائريين الذين توجهوا جميعا إلى محي الدين غير أن سنه وقوته أصبحتا غير كافية لإنجاز مهمة الجهاد وما يصبوا إليه الشعب الجزائري من انتصار على الطغيان والظلم والاستعمار، فأشار على العلماء والأعيان بشخص ابنه عبد القادر الذي يتحلى بعدة صفات حسنة تؤهله لأن يكون قائدا وأميرا وإمام، فهو شاب شجاع صاحب تقوى وصبر، ورجل علوم عسكرية وأدب وثقافة علاوة على أخلاقه وذكائه وعدله.

حظي اقتراح الشيخ محي الدين والد الأمير عبد القادر بالقبول والرضا والاقناع، وفي الموضوع يتحدث الدكتور " زكرياء صيام" في كتابه "ديوان الأمير عبد القادر" عن الظروف التي مهدت وسبقت تاريخ المبايعة فيقول: "حين اشتدت الحاجة إلى رجل يقود الجهاد ... واجتمع الأشراف والعلماء والأعيان... فقدموا على السيد محي الدين والد الأمير عبد القادر وألزموه أن يقبل بيعتهم عن الأمارة، فاعتذر على القبول لكبر سنه...وقدم لهم الأمير عبد القادر لما أنس فيه من مقومات القيادة والصلاح...وعلو المهمة".

البيعــــــــــــــة:

قبل عبد القادر الإمارة بعد أن استجاب الأعيان لشروطه والتي تقوم على السمع والطاعة وتطبيق الشريعة الاسلامية، وتمة بيعته يوم 27 نوفمبر من عام 1832م، في وادي غريس أميرا وحاملا للواء الجهاد، وبعد انتهاء مراسيم البيعة، دخل الأمير مدينة معسكر وقد غصة الطرق بالرجال والنساء والولدان مهللين ومرحبين بسلطانهم الجديد، وانتقل الأمير إلى وادي خصيبة، حيث كان في انتظاره 10000 فارس فبايعوه على السمع والطاعة، وأمر الأمير عبد القادر بتحرير صك البيعة، وكاتب رؤساء القبائل في كل أنحاء القطر لتبليغهم بأمر البيعة "وإن الإمارة الإسلامية والقيام بشعائرالملة المحمدية قد آل أمرها الآن إلى ناصر الدين السيد عبد القادر بن محي الدين وأنه سوف يطبق الشريعة المطهرة ... ويحافظ على أحوال الناس ... ويرفع راية الجهاد ضد المحتلين".

وهكذا انتشرت أخبار البيعة الأولى، فسارعت الوفود التي تمثل مختلف القبائل للمثول أمام الأمير، وانعقد اجتماع عام حضره جمهور العلماء والأعيان،  تم فيه عقد البعة الثانية يوم 04 فيفري 1833م، وبها انتقلت السلطة في الجزائر إلى الأمير عبد القادر.

إن إمارة عبد القادر بن محي الدين كانت شرعية ومعقولة، اجتمع عليها العلماء والأعيان وشيوخ القبائل وكافة أفراد الشعب الجزائري.

المراجع المعتمدة:

- العربي منور: تاريخ المقاومة في القرن التاسع عشر.

- مراد بوعباش: أطروحة دكتوراه: الدولة والمجتمع في برنامج الحركة الوطنية الجزائرية 1919-1962، جامعة الجزائر 03.

Comments ( 0 )

No comment