مولده وتعلمه
هو عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى اشتهر باسم الأمير عبد القادر الجزائري، ولد يوم 06 سبتمبر 1808م في قرية القيطنة بمعسكر، حفظ القرآن وأصول الشريعة والحديث والأدب وتعلم الحساب والتاريخ والجغرافيا وعلم الفلك، ثم أرسله أبوه سنة 1821م إلى وهران ليكمل دراسته، أدى فريضة الحج مع والده سنة 1827م ثم زار بغداد ودمشق والقاهرة وتونس وقد استفاد من هذه الرحلة، إذ ساعدته بعد ذلك في بناء الدولة الجزائرية الحديثة، وبالاضافة إلى حنكته السياسية والعسكرية فقد كان رجل دين وأدب، وهو ما جعل والده يقترح عليه قيادة المقاومة في الغرب الجزائري بمعسكر.
مبايعته
تمت مبايعته وهو في سن الأربعة والعشرين في معسكر بالغرب الجزائري، ليتقلد الإمارة في 27 نوفمبر 1832م، وهكذا انتشرت أخبار البيعة الأولى، فسارعت الوفود التي تمثل مختلف القبائل للمثول أمام الأمير، وانعقد اجتماع عام حضره جمهور العلماء والأعيان، تم فيه عقد البيعة الثانية يوم 04 فيفري 1833م وبها انتقلت السلطة في الجزائر إلى الأمير عبد القادر.
إن إمارة عبد القادر بن محي الدين كانت شرعية ومعقولة، اجتمع عليها العلماء والأعيان وشيوخ القبائل وكافة أفراد الشعب.
مقاومته للاحتلال الفرنسي
بدأ الأمير عبد القادر مباشرة في تنظيم شؤون البلاد، ووضع أولى لبنات الدولة الجزائرية الحديثة، وخاض غمار الجهاد والمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي إلى أن تم توقيع معاهدة دي ميشال بتاريخ 04 فبراير 1834م، ولكن تم نقضها من قبل السلطات الفرنسية، فعاد القتال من جديد وخاض الأمير العديد من المعارك في مدينة السيق يوم 26 جوان 1835م، كما التقى الجيشان الفرنسي والجزائري في منطقة المقطع وهي من المعارك الناجحة التي خاضها الأمير بتاريخ 27 جوان 1835م، حيث نجح في إبادة معظم أفراد جيش الجنرال تريزيل وتم التقدم باحتلال مدينة مليانة ثم فيما بعد منطقة التيطري، كما تمكن من محاصرة مدينتي تلمسان ووهران، وهو ما جعل الجيش الفرنسي يهتدي إلى التوقيع على معاهدة التافنة من طرف الجنرال بيجو بتاريخ 30 ماي 1837م.
إن تغير موازين القوى داخليا وإقليميا اثر سلبا على مجريات مقاومة الأمير عبد القادر، حيث كان العدو يخرق كل هدنة يمضيها مع الأمير، وانتهج سياسة الأرض المحروقة وهو المفهوم الذي كان يردده الجنرال بيجو لرجال الأمير عبد القادر " لن تحرثوا الارض وإن حرثتموها فلن تزرعوها وإن زرعتموها فلن تحصدوها ".
ومع استمرار الضغط الفرنسي عليه لجأ إلى المغرب الأقصى آملا في دعم السلطان المغربي مولاي عبد الرحمان، لكن ضغوط الفرنسيين وتهديدهم باحتلال المغرب حال دون ذلك، فاضطر الأمير إلى وقف ثورته في ديسمير 1847م بعد قبول القائد الفرنسي " لامورسير" بشروطه، والتوقيع على معاهدة الاستسلام مع الجيش الفرنسي وتم أسره، إلى أن أطلق سراحه في 16 أكتوبر 1852م، بعدها توجه إلى دمشق إلى أن توفي هناكفي 26 ماي 1883م عن ناهز 74 سنة، وفي يوم: 5 جويلية 1966م نقلت رفاته من دمشق ليدفن بمقبرة العالية في مربع الشهداء بالجزائر العاصمة.
المرجع:
العربي منور: تاريخ المقاومة في القرن التاسع عشر.
عبد الوهاب بن خليف:تاريخ الحركة الوطنية من الاحتلال إلى الاستقلال.